رأت تالا علي (25 عاما) مزايا وعيوب أن تكون مسلمة في وسط امريكا. فهناك أشخاص يخرجون رؤوسهم من نوافذ السيارات ليصيحوا فيها قائلين "عودي الى ديارك يا إرهابية." لكن الغرباء الذين يثير حجابها فضولهم يقتربون منها ليسألوها عن الإسلام.
وتقول تالا التي ارتدت حجابا قرنفليا والتي جاءت الى الولايات المتحدة مع والدها الأردني وامها الفلسطينية حين كانت طفلة في الخامسة من عمرها "أحب أن يسألني الناس". وقالت وهي في انتظار اصدقائها بعد اداء صلاة الجمعة في مسجد في سينسناتي "هنا قد أكون المسلمة الوحيدة التي يقابلها بعض الناس" وأضافت "أضع دوما في ذهني أنني سفيرة للإسلام".
وبالنسبة لتالا ومسلمين آخرين يعيشون بعيدا عن المدن الامريكية الكبرى التي يقطنها المهاجرون فإن الحياة اليومية اختبار لقوة الاحتمال والقدرة على التواصل مع الامريكيين الآخرين الذين ينظرون الى الاسلام بارتياب بعد خمس سنوات من هجمات 11 سبتمبر ايلول وسط حربين دمويتين في العراق وافغانستان.
وتقول عنايات مالك وهي طبيبة وعضو مجلس إدارة المركز الإسلامي في سينسناتي الكبرى "الاعتقاد السلبي يتزايد بالرغم من كل ما نفعله". ويستقبل المركز خمسة آلاف زائر سنويا من الكنائس والمدارس وممن ينتابهم الفضول.
وتشعر منسقة الجولات شكيلة احمد بالحرج الشديد من أن تروي أسوأ ما حدث لها كمرشدة لكنها تصر أنه ليس هناك أسئلة "سيئة". ومضت تقول وهي جالسة في هدوء في صالة الألعاب الرياضية الخالية بالمركز بعد قيامها بجولة "من الأهمية بمكان للناس أن يستطيعوا طرح الأسئلة".
وتزين أعلام عشرات الدول الحوائط وتقول شكيلة "الأفضل لنا أن تسأل على أن يكون لديك مفهوم خاطيء." وشكيلة وعنايات وآخرون أعضاء في مجالس الديانات المختلفة ويتحدثون في منتديات مجتمعية ويكافحون عاما بعد عام لمد جسور داخل وسط امريكا الذي يغلب عليه المسيحيون البيض.
لكن في الوقت الذي يكرسون فيه أنفسهم للتواصل فإن المعركة الشاقة لتعليم الامريكيين تؤثر سلبا على التفاؤل. وتقول عنايات "طوفان التغطية الإعلامية بتجسيدها السلبي طاغ." وأضافت "أرى ضوءا خافتا للغاية في نهاية النفق."
تكافح كارين دبدوب مشاكل مستديمة خلال عملها لحساب مجلس العلاقات الامريكية الاسلامية في اوهايو. وفي عام 2005 فجر مسجد في سينسناتي. وانتقد طلاب مسلمون صائمون عام 2006 حين سمح لهم بتجنب الكافيتريا اثناء شهر رمضان. وتتقاطر التهديدات بالقنابل ورسائل الكراهية. وقالت دبدوب وهي من سكان سينسناتي اعتنقت الاسلام قبل 16 عاما "سنصل. إنه ليس بالطريق السهل لكننا سنصل."
وفي عام 2006 أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة جالوب وشارك فيه الف امريكي أن 39 في المئة يؤيدون مطالبة المسلمين في الولايات المتحدة بمن فيهم المواطنون الامريكيون بحمل بطاقات هوية خاصة. وقال نحو الربع إنهم لا يرغبون أن يكون لهم جيران من المسلمين.
وتقول دبدوب إن عينيها الزرقاوين وبشرتها البيضاء لم يجنباها النظرات غير الودية والتي كثيرا ما تستهدف النساء المحجبات في امريكا. وأضافت "من حين لآخر يبتسم أحد في وجهي لكن ليس بنفس القدر المعتاد".
إن الجالية المسلمة في سينسناتي البالغ قوامها 25 الف نسمة صورة مصغرة عن الإسلام في امريكا. ويقول مجلس العلاقات الامريكية الاسلامية إن نحو ثلث مسلمي امريكا الذين يتراوح عددهم بين ستة وسبعة ملايين من جنوب اسيا بينما ثلثهم امريكيون من أصول افريقية وربعهم من العرب. اما الآخرون فهم مهاجرون اوروبيون او قوقازيون اعتنقوا الإسلام.
في كل مكان تقريبا فإن المجتمع يكرس نفسه للتواصل مع الآخرين. في ميزوري يخرج الأطفال المسلمون الذين يدرسون في مدرسة اسلامية بمدينة كانساس الكبرى لأداء خدمات للمجتمع. وتقول ناظرة المدرسة صبا حمودة إن مسجد المدرسة خرب ذات مرة ودنس القرآن لكنها تعتقد أنه كلما زاد عدد الامريكيين الذين يفهمون الإسلام كلما زاد تقبلهم لجيرانهم المسلمين.
غير أن الطلاب ما زالوا يشعرون في بعض الأحيان أنه ينظر اليهم نظرة نمطية ويساء فهمهم خارج منطقة الراحة التي يتمتعون بها في مدرستهم الصغيرة. وتقول سابريم قاضي (15 عاما) اثناء استراحة من درس الدراسات الاسلامية الذي تلقته في الصباح "الناس يعتقدون أننا إرهابيين بسبب 11 سبتمبر."
وفي جنوب غرب الولايات المتحدة الذي يعرف عنه زيادة عدد مهاجريه من أصول لاتينية عن عدد أفراد جاليته المسلمة يكرر المسلمون منهج التواصل بالرغم من الازدراء الطائفي. ويشعر الأردني احمد الشقيرات امام مركز خدمة المجتمع الاسلامي في مدينة تمب الواقعة في وادي فينيكس حيث يوجد قرابة ما بين 40 و50 الف مسلم بالترحاب لكنه في الوقت نفسه يعاني من التعصب.
ويقع المركز الإسلامي بمئذنته الى جانب أول كنيسة مستقلة في شارع ثانوي هاديء في تمب. ومنذ خمس سنوات اقتسم الاثنان جائزة مدينة تمب للتنوع عن جيرتهم الجيدة. وقال الشقيرات عن جيرانه "نتبادل الزيارات ونتحدث دائما."
لكن بالرغم من نظرته العالمية التي تتسم بالفخر تصدر الشقيرات عناوين الصحف في اواخر العام الماضي بوصفه واحدا ممن أطلق عليهم اسم "الأئمة الطائرين" وهي مجموعة من ستة رجال دين مسلمين أجبروا على النزول من طائرة تابعة للخطوط الجوية الامريكية بعد أن شعر بعض الركاب وأفراد الطاقم بالقلق بسبب الصلاة التي أدوها.
ويقول الشقيرات عن الحادث الذي استرجعه إنه يظهر "المبالغة في رد الفعل والتمييز" من قبل شركة الطيران. لكنه يقول إن هذا ضاعف من التزامه بالتواصل مع الآخرين. وأضاف قائلا لرويترز وهو جالس في مكتب بالمسجد الواقع على ناصية الشارع بعد أداء صلاة العشاء "لو كان هؤلاء الناس زاروا مسجدا ورأوا المسلمين وهم يصلون لفهموا". ومضى يقول "الغضب لن يوصلنا لشيء. ما نحتاجه هو المزيد من التعليم".
var imgIndex = 0;
var imgArr = new Array();