يعيش مكرم المنياوي حياة عادية في قرية كفر بني أحمد بالقرب من مدينة المنيا في جنوب مصر ويمارس مهنته في انشاد المدائح النبوية في حفلات الزفاف وغيرها في القرى المجاورة.
لكن ما يميز مكرم عن غيره من المداحين الذين ينشدون القصائد في مدح النبي محمد هو أنه مسيحي. ولا يرى مكرم الذي نشأ في القرية الصغيرة التي يغلب الاقباط على سكانها تعارضا بين عمله في انشاد المدائح النبوية وكونه مسيحي.
وشهدت مصر أعمال عنف من حين لاخر بين المسلمين والاقباط الذين يمثلون زهاء 10 في المئة من سكان البلاد. وترك مكرم المدرسة وبدأ يمارس فن انشاد المدائح عندما كان عمره 14 عاما. ويؤكد المنياوي ان فنه يعزز التقارب بين المسلمين والاقباط.
وقال "أريد ان ازرع الود والمحبة بين المسلم والمسيحي. اريد ان اجعلهم يشعرون انه ليس هناك فرق بين مسيحي ومسلم." وليتمكن المنياوي من احتراف فن انشاد المدائح سعي لدراسة الفلسفة الاسلامية وحفظ ايات من القران. وتوصل مكرم من خلال ذلك الى أنه لا توجد فروق حقيقية بين المسلمين والمسيحيين.
ولكن الجميع لا يتمتعون بمثل هذا القدر من التسامح والادراك الذي يتحلى به مكرم المنياوي. وقال مكرم "احيانا ادخل الجامع... لاستريح الا ان خادم الجامع رفض .. سألته لماذا؟.. قال لي أنت مسيحي اذن اكتبوا ممنوع دخول الاقباط."
ويقول مكرم ان المصريين يجب أن يتكاتفوا لمواجهة التحديات الخارجية وان أي مشكلة بين المسلمين والمسيحيين سببها سوء الفهم. ويعلق مكرم في منزله لوحات تضم آيات من القرآن على نفس الجدار الموضوعة عليه صورة السيدة العذراء والسيد المسيح. وقال مكرم انه تعرض لانتقادات ولكنها لم تفت في عضده.
وأضاف "تعرضت للهجوم من جميع الاطراف لكني مؤمن بما اقوم به . سأستمر في خطي لا شأن لي بأحد." ورغم ذلك حقق مكرم نجاحا كبيرا بعد عقود من العمل أتقن خلالها فنه. ويتلقى مكرم دعوات كثيرة لاحياء حفلات في المنيا وقراها بل سجلت مدائحه على شرائط تباع في حي الحسين بالقاهرة.
ويعمل ابناء مكرم المنياوي الثلاثة بنفس مهنة ابيهم وينشدون المدائح الاسلامية والمسيحية. ويرى ماهر أحد ابناء مكرم ان انتاج اغنية مصورة تجمع بين الاقباط والمسلمين سيكون أمرا طيبا. وقال "انا ممكن اعمل كليب (اغنية مصورة) يجمع بين مسلم ومسيحي. اه... جميل... حلو... والناس كلها تحبه."
ويمتليء جدول أعمال مكرم وابنائه بدعوات من سكان القرى لاحياء الحفلات. وقال مسلم يدعى طاهر جاء الى منزل المنياوي ليطلب منه احياء حفل زفافه ان فن المداح وليس عقيدته هو ما يعنيه. واضاف "مكرم فنان كبير. فنان كبير . لان عندنا هنا ليس هناك شيء اسمه مسلم ومسيحي."
ورغم ان مكرم لا يتناول أي معتقدات اسلامية في مدائحه الا أنه يقر بان محمدا أحد الانبياء. ويقول ان التزامه كمنشد للمدائح الاسلامية يمنعه من شرب الخمر. وتقول زوجته سميرة "ليس هناك فرق بين مسلم ومسيحي. هو نصفه مسلم ونصفه مسيحي كي اريح الطرفين."
ويقول مكرم انه كتب أكثر من 80 من قصائد المديح بعضها يجمع رموزا مسيحية واسلامية. وذكر انه اختار المديح الديني رغم انه كان يستطيع ان يحقق دخلا أكبر لو اكتفى بالاغاني العاطفية. ويحظى مكرم بشعبية كبيرة في قريته ويلقى حفاوة كبيرة من جيرانه.
وفي وقت تثير فيه الخلافات الطائفية التوتر في المنطقة يستغل مكرم المنياوي موهبته في الدعوة الى التعايش في سلام. وكان النجاح الذي حققه تتويجا لمشوار فني غير عادي يثير الجدل الى حد ما.