بلدان عديدة تواطأت مع وكالة الاستخبارات الأمريكية في حربها

نقاط : 198520 تاريخ التسجيل : 31/12/1969

لقد كان مكتب فوريل مملوءا عن آخره. فعلاوة على ضباط الأمن السويديين، كان هناك رجال شرطة سويديون في لباسهم الرسمي وأمريكيون وثمان رجال مقنعين ومترجم فوري. هذه الأحداث ستثير فيما بعد أزمة سياسية في ستوكهولم. لقد نقل الأمريكيون عملياتهم إلى الأراضي السويدية؛ واتخذت السلطات السويدية رسميا إجراءات في هذا الصدد اعتبرت بسيطة وعادية، تمثلت في طرد طالبي اللجوء المصريين. ويتذكر فوريل كيف سمح زملاؤه من جهاز السابو لهؤلاء العملاء بإدخال المعتقلين الإثنين الواحد تلو الآخر إلى قاعة الاستراحة من أجل تطبيق ما يطلق عليه الأمريكيون «مراقبة أمنية». وحسب التحقيقات الخارجية، فإن هذه المراقبة الأمنية تتمثل في «تفتيش كامل للجسم، أخذ قطع من الملابس، التفتيش الكلي للشعر وللفم والأذنين؛ وتتم هذه العملية بعد تقييد المعتقلين وتصويرهم. وأخيرا، تتم تغطية رؤوسهم كليا بقناع لا يسمح حتى بظهور عيونهم». إضافة إلى ذلك، قال أحد المعتقلين المصريين، فيما بعد، إنه تناول مخدرا جعله خائر القوى.
يقول فوريل إن الأمريكيين المقنعين تعاملوا بشكل هادئ جدا مع الوضع وكانوا جد محترفين. وقد وجد فوريل الوضع غريبا جدا، «لم يعطني زملائي السويديون أية معلومات حول ما يحدث. لقد أخبروني فقط بأن هذين المعتقلين مشتبه في ارتباطهما بأعمال إرهابية». ويتابع فوريل قائلا: «لقد كانت هناك بعض الشكوك تطرق باب مخيلتي؛ فقد كان من الغريب جدا أن تصل طائرة دون إشعارنا، لأنه من البديهي أن يتم إشعار الشرطة بجميع الطائرات القادمة من الخارج، لكن لم يتم إشعارنا بأن الطائرة الأمريكية ستحط في مطار بروما».
وأخيرا، صعد المعتقلان المصريان إلى الكولف ستريم حيث تم تقييدهما إلى المقاعد وأقلعت الطائرة على الساعة الـ21 و49 دقيقة وخرقت عنان السماء.
ما حدث في تلك الليلة في مطار بروما أعطى لبول فوريل وزملائه إشارات عن النظام السري لترحيل المعتقلين. وفي السنوات اللاحقة، تم رصد رجال مقنعين وملتحفين بالسواد تقريبا في عدة مناطق عبر العالم. وفي الواقع، وقبل هذا السيناريو السويدي، سمع مراسل صحفي كان في مهمة في باكستان عن رجال مقنعين نقلوا معتقلا آخر. وأخبره أحد الموظفين في مطار كراتشي بأن «العملية كانت جد غامضة بما في ذلك الجنود الأمريكيون الذين كانوا يرتدون أقنعة سوداء».
في السنة اللاحقة، تم ترحيل مقيم بريطاني في غرب إفريقيا على متن نفس نوع الطائرة المستخدمة في هذه العمليات السرية من طرف «رجلين ضخمين مقنعين».
وفي باكستان، تم ترحيل بريطاني آخر من لندن في طائرة متجهة إلى المغرب من طرف عملاء «يرتدون الأسود ومقنعين وينتعلون أحذية عسكرية». وفي مقدونيا، تم تسليم ألماني إلى فريق من السي.آي.إيه كان يضم «سبعة أو ثمانية رجال ملتحفين بالسواد ويلبسون قفازات ويرتدون أقنعة من نفس اللون لا تظهر سوى عيونهم».
وكانت وسيلة النقل التي استعملها هؤلاء في جميع هذه العمليات طائرة نفاثة راقية، وكانت في غالب الأحيان من نوع الكولف ستريم المستعملة في عملية السويد السرية. ومن خلال الاطلاع على وثائق الإدارة الفيدرالية للطيران الأمريكي، يظهر أن الطائرة رقم N379P تعود إلى شركة مقرها في ديدهام في ولاية ماساتشوسيت تسمى (إكزيكيوتيف ترانسبورت سرفيسز)؛ لكن الاسم الرسمي الذي سجلت به الملكية غير حقيقي، فالقاعدة الحقيقية للطائرة هي في كارولينا الشمالية وبالتحديد في حظيرة في الشارع العام لشركة (أيرو كونتراكتورز). واكتشف فيما بعد أن هذه الشركة هي غطاء للسي.آي.إيه. إذن ماذا حدث في السويد وباقي البلدان الأخرى؟